يبدو أن العام الجاري هو الأصعب في تاريخ الجنيه المصري، حيث خسر بما يكفي لأن يحتل صدارة العملات الأكبر خسارة أمام الدولار عالمياً خلال عام.
في بداية العام الجاري كان يجري تداول الدولار في السوق الرسمي عند حدود الـ 7 جنيهات، وبحلول نهاية العام أصبح سعر صرف الدولار نحو 20 جنيهاً، ما يعني أن خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار بلغت نحو 13 جنيهاً تمثل ما نسبته185% وهي الخسارة الأعلى على الإطلاق في تاريخ حركة التعاملات بين الجنيه المصري والدولار الأميركي.
"مزيد من القرارات، مزيد من الوقت، يساوي مزيداً من الخسائر للجنيه المصري"، هكذا كان حال الجنيه المصري في عام 2016، حيث مع كل قرار تتخذه الحكومة المصرية تزداد أوجاع الجنيه المصري، ومع مرور الوقت تتحول الخسائر المؤقتة للجنيه المصري إلى مكاسب ثابتة ومؤكدة للدولار.
وعند النظر إلى مصادر قوة الحنيه المصري تشير الأرقام والبيانات إلى أنها لم تعد موجودة، والبداية من قطاع السياحة الذي خسر ومازال يواصل الخسائر بقوة منذ حادث سقوط الطائرة الروسية في أجواء مدينة شرم الشيخ المصرية، ومنذ هذا التاريخ والسياحة المصرية لم تنهض من كبوتها، حيث يتزايد هروب السائحين سواء العرب أو الأجانب من السوق المصري في ظل أجواء المنافسة مع دول المنطقة التي تضع السياحة في قائمة اهتماماتها وتراعي عنصر المنافسة بتقديم أسعار تنافسية وعروض مغرية.
أما تحويلات المصريين في الخارج، والتي كانت أحد أهم مصادر تمويل الخزانة المصرية بالعملة الصعبة، فقد تراجعت بنسب كبيرة وفقاً للأرقام الرسمية، حيث أعلنت وزارة الخطيط المصرية تراجع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج من نحو 19.2 مليار دولار في بداية العام 2013 لتسجل نحو 12.4 مليار دولار فقط خلال العام الحالي بنسبة تراجع تقدر بنحو 35.4%.
وحتى ما قبل شهر نوفمبر الماضي كان المركزي المصري يعتمد على عدة محاور لضبط سوق الصرف المصري، سواء من خلال العطاءات الدولارية الدورية الأسبوعية، أو من خلال تشديد الرقابة على السوق السوداء، ولكن كان تجار العملة هم المحرك الرئيسي لأسعار الدولار في سوق الصرف، حيث سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء في أكتوبر الماضي نحو 18 جنيهاً مقابل نحو 8.88 جنيه في السوق الرسمي.
لكن في بداية نوفمبر الماضي أعلن البنك المركزي المصري تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار ووضع سعر استرشادي عند 13 جنيهاً للدولار في زيادة تقدر بأكثر من 46% مرة واحدة، وبدأت البنوك العاملة في مصر بعد ذلك في تحديد سعر الدولار بشكل حر إلى أن قفز سعر صرف الدولار في نهاية العام إلى ما يقرب من 20 جنيهاً، مسجلاً زيادة نسبتها 53% منذ إطلاق السعر الاسترشادي في أول يوم من عملية التعويم.
ولمدة لا تقل عن 10 أشهر تربعت السوق السوداء على قائمة المحركين الفاعلين في سوق الصرف المصري، وتحدت البنك المركزي المصري في كل قرار أعلنه منذ مطلع العام الجاري، ورغم تحرير العملة وتعويم الجنيه مازالت السوق السوداء تطل برأسها من جديد بين الحين والآخر، لكنها لا تتدخل بشكل مباشر خاصة أن الدولار يواصل الصعود في السوق الرسمي، ما يدفع تجار العملة إلى الانتظار والترقب للعودة من جديد، ولكن بالأسعار الجديدة للدولار.
نعود إلى احتياطي النقد الأجنبي لمصر، فقي نهاية ديسمبر من العام الماضي ووفقاً لما أعلنه البنك المركزي المصري بلغت قيمة احتياطي النقد الأجنبي لمصر نحو 16.4 مليار دولار، وفي نهاية نوفمبر الماضي ارتفعت لتسجل نحو 23 مليار دولار مسجلة ارتفاعاً بلغت نسبته نحو 40%.
إرسال تعليق