أنا شابّةٌ في مُقتَبلِ العُمْرِ، تُوُفِّيَ أبي فَأَحْسَسْتُ بِفَراغٍ كبير، الكُلُّ انشغلَ عنّي وأنا كُنتُ بحاجة لِمَلْءِ الفراغ الذي تَرَكَهُ والِدي، أَصبَحْتُ أَقضي وقتًا طويلًا على وسائل الاتِّصال الاجتماعيّ، وتَعرَّفْتُ على شابٍّ مِن بَلَدٍ آخرَ بالصُّدْفة، ولم أَكُنْ أَنْوِي ذلكَ إطلاقًا، بَدا لي مُحتَرَمًا وَخَلُوقًا، كُلُّ تَصرُّفاتِه تَدُلُّ على ذلك، كانَ يَسْأَلُ عنِّي وعَن دِراستي وَيَهْتَمُّ بِشُؤوني وكأنِّي أَعْنِيهِ، أَحْبَبْتُ اهتمامَه بي وسؤالَه عنِّي في وقتٍ كُنْتُ بِأَمَسِّ الحاجة للاهتمام والعطف.
أخبَرَني أنّه يَنْوِي الزواج بي، وأنّه يُعِدُّ للسَّفَرِ إلى بلدي لِخِطبتي، ولكنَّ المُعضلَة تَكْمُنُ في الحُصول على تأشيرة، بَدَأْتُ أَسْأَلُ وأُحاوِلُ أنْ أَجِدَ حُلُولًا للمُشكلة، وعندَما شَعَرَ بِجِدِّيَّتي وزادَ إلْحاحي وسُؤالي عن التأشيرة، أَخَذَ يَتَحَجَّجُ بأنَّهُ مَشغول بِسَفَريّاتٍ كثيرةٍ في تلك الفترة للعمل، لذلك فإنَّ عليه تأجيلَ الموضوع، كلُّ هذا الكذب كانّ يَجِدُ آذانًا صاغيةً وقلبًا ساذَجًا مُصَدِّقًا.
اسْتمرَّتْ كذباته تتلاحَقُ، وكَثُرَتْ سفريّاته تلك، وفي كُلِّ مرَّةٍ يُخبِرُني أنّه سيُسافِرُ بدون هاتِفه، ولنْ يكُونَ بإمكانه التحدُّث معي أو مُراسَلَتي، بَدَأَتِ الشُّكُوكُ تُساوِرُني وأَخْبَرْتُ أُختي بالأمر، قامَتْ أُختي بالتواصل مَعَه كفتاةٍ غريبةٍ تُرِيدُ التعرُّفَ عليه، والصدمة أنّه رَحَّبَ تمامًا وَأَخَذَ يُكَلِّمُها بأَرْيَحيَّةٍ عِلْمًا أنّهُ مُسافِرٌ (كما أَخْبَرَنِي ولا يَحْمِلُ هاتِفَه).
عَرَفَتْ أُختي أنّه مُتَزَوِّجٌ وأبٌ لثلاثة أولاد، وَأَيْقَنْتُ حينَها أنَّ التعرُّفَ على الفتيات والتسلية هي هوايته الوحيدة، أُصِبْتُ بِصَدمَةٍ، وَشَعَرْتُ بمعنى الغَدْرِ والخَديعة.
أُشارِكُ قِصَّتي في مِنْبَرِكم لِتَكُونَ عِبرَةً وَعِظَةً للفَتَيات، وَأَعْرِفُ أنَّ مَن يَقْرَأُ قِصَّتي سَيَتَّهِمُني بالغَباء أو بالسذاجة، أتمنّى ألّا تَحْكُمُوا عليَّ، فأنا فتاةٌ بريئَةٌ كملايين الفَتيات في مُجْتَمَعِنا، لم أَشْعُرْ يومًا باهتمامٍ وَحُبٍّ مِن الجِنس الآخر، لقد صَدَّقْتُهُ فِعْلًا، لقد أَحْبَبْتُهُ فِعْلًا، لم أَتَحَكَّمْ بقلبي، لم أَعْرِفِ الخِيانَةَ ولا الغَدْرَ ولم أَتَوَقَّعْ أنَّ هناكَ مَن يَتَسَلّى باللعِبِ بِقُلُوبِ الفتيات ومشاعرِهِنَّ، بلا رادِعٍ ولا ضَمير.
قصة قارئة
كتبتها أمل الحارثي
لمشاركة قصصكم مع القراء الرجاء كتابتها وارسالها كرسالة خاصة
على صفحة الفيسبوك مجلة المرأة العربية Arab Woman Mag
أو ارسالها على البريد الإلكتروني
amalalharithi@arabwomanmag.com
المصدر / تسلّى بقلبي ومشاعري
إرسال تعليق